من مقدمة مقالة عن شوبنهاور بعنوان (ملاحظات نفسانية للفيلسوف الألماني أرثر شوبنهاور)
نشرت في (الأهالي) العراقية عدد 627 بتاريخ 15 كانون الثاني/يناير 1961
بقلم: عبد الكريم الناصري
في أواخر العام المنصرم (1960) احتفل العالم بالذكرى
السنوية للفيلسوف الألماني ارثر شوبنهاور المولود سنة 1788 والمتوفي سنة 1860
وشوبنهاور هو تلميذ افلاطون وكانت والبوذيين واستاذ
فريدريش نيتشة وادوارد فون هارتمان – الذي حاول التوفيق بينه وبين هيغل – والموسيقار فاغنر الذي كان اخلاصه لموقفه الأساسي في الأخلاقيات السبب في القطيعة
المؤلمة التي حدثت بينه وبين صديقه نيتشه من جملة اسبابها.
كان شوبنهاور متشائما، ومعنى التشاؤم الفلسفي، القول بأن
الألم هو العنصر الإيجابي في الوجود بينما اللذة والسعادة هما العنصر السلبي، أي
انهما مجرد الزوال المؤقت للألم ، وأن العالم كله شر، وإنه لا هدف له وإن لا قوة
عاقلة هناك.
تعرفت بشوبنهاور منذ نحو عشرين سنة عن طريق الدكتور شارل مالك، إذ كان طلب إليّ أن ألخص إطروحة للاستاذية قدمتها له إحدى تلميذاته في جامعة
بيروت الأمريكية – حيث كان رئيسا للدائرة الفلسفية فيها – لأجل نشرها في مجلة
"العروة الوثقى" التي تصدرها الجامعة ، فلما قدمت له الخلاصة واطلع
عليها، غيّر خطته نظرا لإعجابه بها، فأعطاني مجلدين من المجلدات الثلاث لأرثر
شوبنهاور الرئيسي الموسوم – بالعالم كإرادة وتمثيل – وقال لي إقرأ راشدا ما
استطعت من هذا الكتاب واكتب لنا عن معنى الإرادة- عند شوبنهاور، فإني قد وجدت خلاصتك خيرا من الأطروحة.
وقد فعلت ذلك، وكان تأثري بشوبنهاور – إثر قراءتي أثره
الرئيسي- عظيما (والتأثر بمفكر ليس معناه التسليم بآرائه)
وبعد بضع سنوات كتبت في مجلة "الرسالة"
المصرية التي كان يصدرها الاستاذ أحمد حسن الزيات مقالا عنوانه "نظرية
المعرفة عند شوبنهاور" نشر في ثلاثة أعداد.(1)
**
(1) نشرت الأجزاء الثلاثة الآن في كتاب ألكتروني خاص بترجمات الناصري الفلسفية بعنوان (مراجعات فلسفية)- بثينة الناصري