الجزء الأول هنا
بقلم : عبد الكريم الناصري
بقلم : عبد الكريم الناصري
![]() |
معروف الرصافي |
والتعبير الثاني الذي وجده الدكتور مصطفى
جواد خطأ في كلام الرصافي، هو قوله "كما فعلت ذلك في كلمة اوتومبيل" قال
(الصواب – كما فعلت في- أو – كما فعلته في – لأن العائد لا يكون إلا ضميراً) يعني
إن "كما" مركبة من (ك) و(ما) ، وأن الأخيرة اسم موصول، فكما لا يصح أن
نقول (كالذي فعلت ذلك ) كذلك لا يصح أن نقول (كما فعلت ذلك).
ولو كان
الرصافي قد قصد بـ(كما) معنى (كالذي) لكان من المستحيل أن يقول : كما فعلت
ذلك. تلك غلطة لا يرتكبها الصبي الصغير من صبيان المدارس الابتدائية ، في مثل هذه
الحال، أي في حال كون (كما) تدل في ذهنه بوضوح على المعنى المذكور ، فكيف
بالرصافي، المشهور بتضلعه في العربية؟
وإنما عبارته مساوية في التقدير، إن كان لابد من التقدير، بعبارة : كفعلي ذلك قبلا في كلمة كذا.
فإن كان مقصود الاستاذ الفاضل بعبارته المقتضبة أن الاسم الظاهر ينبغي حذفه في كل حال، أي مهما قدرت (ما) – موصولة أو مصدرية، أو غير ذلك – فتلك دعوى تحتاج ولا ريب الى ايضاح، خصوصا وأن أمثال عبارة الرصافي – كقولنا (كما أشرت الى ذلك آنفا، كما ذكرت ذلك فيما تقدم ، كما فعل ذلك فعلان) شائعة في هذا العصر، خلافا لأمثال عبارتي الناقد المفضال، وإنا لنرى القليل الاطلاع والجم الاطلاع علي علوم العربية يستويان في استعمالها.. فبالإضافة الى الرصافي نفسه، من القبيل الأخير، نجد الدكتور طه حسين يقول في الصفحة (5) من كتاب تجديد ذكرى أبي العلاء :
(إذا صح هذا، فما قدمنا في المقالة الثانية من سيرة ابي العلاء، يدلنا على أنه كان فيلسوفا حقا، كما سيدلنا على ذلك درسنا للزوميات)
ونجد من قبله الشيخ ابراهيم اليازجي اللغوي اللبناني المشهور المتوفي سنة 1906 يقول (1) "وهو من التراكيب التي منعها أهل العربية، كما نص على ذلك الحريري"
وهذا ليس معناه أن امثال هذه العبارات حديثة النشأة. حسبك هذه الأمثلة من علمين من اعلام العربية القدماء وهما أحمد بن فارس وعبد القاهر الجرجاني.
قال الأخير في ص 229 من كتابه (دلائل الإعجاز – طبعة دار المنار)"وكذلك لا تستطيع في قوله:
وإنما عبارته مساوية في التقدير، إن كان لابد من التقدير، بعبارة : كفعلي ذلك قبلا في كلمة كذا.
فإن كان مقصود الاستاذ الفاضل بعبارته المقتضبة أن الاسم الظاهر ينبغي حذفه في كل حال، أي مهما قدرت (ما) – موصولة أو مصدرية، أو غير ذلك – فتلك دعوى تحتاج ولا ريب الى ايضاح، خصوصا وأن أمثال عبارة الرصافي – كقولنا (كما أشرت الى ذلك آنفا، كما ذكرت ذلك فيما تقدم ، كما فعل ذلك فعلان) شائعة في هذا العصر، خلافا لأمثال عبارتي الناقد المفضال، وإنا لنرى القليل الاطلاع والجم الاطلاع علي علوم العربية يستويان في استعمالها.. فبالإضافة الى الرصافي نفسه، من القبيل الأخير، نجد الدكتور طه حسين يقول في الصفحة (5) من كتاب تجديد ذكرى أبي العلاء :
(إذا صح هذا، فما قدمنا في المقالة الثانية من سيرة ابي العلاء، يدلنا على أنه كان فيلسوفا حقا، كما سيدلنا على ذلك درسنا للزوميات)
ونجد من قبله الشيخ ابراهيم اليازجي اللغوي اللبناني المشهور المتوفي سنة 1906 يقول (1) "وهو من التراكيب التي منعها أهل العربية، كما نص على ذلك الحريري"
وهذا ليس معناه أن امثال هذه العبارات حديثة النشأة. حسبك هذه الأمثلة من علمين من اعلام العربية القدماء وهما أحمد بن فارس وعبد القاهر الجرجاني.
قال الأخير في ص 229 من كتابه (دلائل الإعجاز – طبعة دار المنار)"وكذلك لا تستطيع في قوله:
وصيرني هواك وبي
لِحيْني يضرب المثل
أن تزعم ان (لصيرني ) فاعلا قد نقل عنه الفعل
فجعل للهوى، كما فعل ذلك في (فما ربحت تجارتهم) .
وقال في ص 235 (ثم يكون في ذلك ما يتناسب كما
كان ذلك في الكتابة عن الصفة نفسها)
وقال في ص 240 (فإنه لا يصح أن يقال: أنه
نظير لبيت زياد، كما قلنا ذاك في بيت أبي نؤاس).
وقال أحمد بن فارس في ص 332 من الجزء الأول من
معجم (مقاييس اللغة ) طبع دار إحياء الكتب العربية :
(ومن هذا الباب ما يجيء من الرباعي وهو
من الثلاثي، على ما ذكرناه، ولكنهم يريدون
فيه حرفا لمعنى يريدونه من مبالغة (2) كما يفعلون ذلك في زرقم وخلبن)
وقال في ص 448 من الجزء نفسه:
(وأما الجرية (3) وهي الحوصلة ، فالأصل الذي
يعول عليه ان الجيم مبدلة من قاف كما اصلها قرية، أنها تقري الشيء اي تجمعه،
ثم ابدلوا القاف جيما، كما يفعلون ذلك
فيهما.
وعبارة الرصافي (كما فعلت ذلك) . وقد تعمدت
فيما انتقيته من الأمثلة أن يكون مشابها بقدر الإمكان لهذه العبارة. وإن لم يكن
ثمة ضرورة لذلك. والواقع إن الاستشهاد بمثال واحد عن مثل ابن فارس يكفي في هذا
المقام ويغني.
++
(1) ص 292 من كتاب (الجديد في الأدب العربي
وتاريخه) وهو كتاب لبناني مدرسي مطبوع في بيروت سنة 1957)
(2) كذا .. ولعل بعد كلمة (مبالغة) عبارة
سقطت عند النسخ أو الطبع من قبيل (ونحوها)
(3) بكسر الجيم وتشديد الراء وكرسها وتشديد
الياء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق